الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.استيلاء طغرلبك على الموصل وولاية أخيه نيال عليها ومعاودة قريش الطاعة. كان السلطان طغرلبك لما طال مقامه ببغداد ساء أثر عساكره في الرعايا فبعث القائم وزيره رئيس الرؤساء أن يحضر عميد الملك المكندري وزير طغرلبك ويعظه في ذلك ويهدده برحيل القائم عن بغداد فبلغه خلال ذلك شأن الموصل فرحل إليها وحاصر تكريت وفتحها وقبل من صاحبها نصر بن عيسى من بني عقيل ما لا بد له منه ورحل عنه فمات نصر وولي بعده أبو الغنائم البحلبان فأصلح حاله مع رئيس الرؤساء ورحل السلطان من البواريج وكان في انتظار أخيه ياقوتي بن تنكير ثم توجه السلطان إلى نصيبين وبعث هزارسب إلى البرية لقتال العرب وفيهم قريش ودبيس وأصحاب حران والرقة من نمير فأوقع بهم ونال منهم وأسر جماعة فقتلهم وعاد إلى السلطان طغرلبك فبعث إليه قريش ودبيس بطاعتهما وأن يتوسط لهما عند السلطان فعفا السلطان عنهما وقال للبساسيري: ردهما إلى الخليفة فيرى ما عندهما فرحل البساسيري عند ذلك إلى الرحبة وتبعه إنزال بغداد ومقبل بن المقلد وجماعة من بني عقيل وبعث السلطان إلى قريش ودبيس هزارسب بن تنكير ليقضي ما عندهما ويحضرهما وكان ذلك يطليهما ثم خافا على أنفسهما فبعث قريش أبا السيد هبة الله بن جعفر ودبيس ابنه بهاء الدولة منصورا فقبلهما السلطان وكتب لهما بأعمالهما وكان لقريش من الأعمال: الموصل ونصيبين وتكريت وأوانا ونهر بيطر وهيت والأنبار وبادرون ونهر الملك ثم قصد السلطان ديار بكر ووصل إليه أخوه إبراهيم نيال وأرسل هزارسب إلى قريش ودييس يحذرهما منه وسار لسنجار لأجل واقعته مع قريش ودبيس فبعث العساكر إليها واستباحوها وقتل أميرها علي بن مرحا وخلق كثير من أهلها رجالا ونساء وشفع إبراهيم نيال في الباقين فكف عنهم وأقطع سنجار والموصل وتلك الأعمال كلها لأخيه إبراهيم نيال وعاد إلى بغداد فدخلها في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وأربعمائة..مفارقة نيال الموصل وما كان لقريش فيها وفي بغداد مع البساسيري وحبسهما القائم. وفي سنة خمسين وأربعمائة خرج إبراهيم نيال من الموصل إلى بلاد الروم فخشي طغرلبك أن يكون منتقضا وبادر بكتابه وكتاب الخليفة إليه فرجع وخرج الوزير الكندري للقائه وخالفه البساسيري وقريش إلى الموصل فملكها وحاصر القلعة حتى استأمن أهلها على يد ابن موسك وصاحب أربد فأمناهم وهدما القلعة وسار السلطان طغرلبك من وقته إلى الموصل ففارقها واتبعهما إلى نصيبين ففارقه أخوه نيال في رمضان سنة خمسين وأربعمائة وسار السلطان طغرلبك في أثره وحاصره بهمذان وجاء البساسيري إلى بغداد وكان هزارسب بواسط ودبيس ببغداد قد استدعاه الخليفة للدفاع فسئم المقام ورجع إلى بلده وجاء البساسيري وقريش ووزير بني بويه أبو الحسن بن عبد الرحيم ونزلوا بجوانب بغداد ونزل عميد العراق بالعسكر قبالة البساسيري ورئيس الرؤساء وزير الخليفة قبالة الآخرين وخطب البساسيري للمستنصر صاحب مصر بجوامع بغداد وأذن بحي على خير العمل ثم استعجل رئيس الرؤساء الحرب فاستجده القوم ثم كروا عليه فهزموه واقتحموا حريم الخلافة وملكوا القصور بما فها ونهب الخليفة فوجد عميد العراق قد استأمن إلى قريش بن بدران فاستأمن هو كذلك وأمنهما قريش وأعادهما وعذله البساسيري في الانفراد بذلك دونه وقد تعاهدا على خلاف ذلك فاستعتب له بالوزير رئيس الرؤساء ودفعه إليه وأقام الخليفة والعميد عنه فقتل البساسيري الوزير ابن عبد الرحيم وبعث قريش بالخليفة القائم مع ابن عمه مهارش بن نجلى إلى حديثة عانة فأنزله بها مع أهله وحرمه وحاشيته حتى إذا فرغ السلطان طغرلبك من أمر أخيه نيال وقتله ورجع إلى بغداد بعث البساسيري وقريش في إعادة القائم إلى داره فامتنع وأجفل عن بغداد في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وأربعمائة وشمل اللهب مدينة بغداد وضواحيها من بني شيبان وغيرهم وبعث السلطان طغرلبك الإمام أبا بكر محمد بن فورك إلى قريش بن بدران يشكره على فعله بالخليفة وبابنة أخيه زوجة الخليفة أرسلان خاتون وأنه بعث ابن فورك لإحضارهما وكتب قريش إلى مهارش ابن عمه بأن يلحق به هو والخليفة في البرية فأبى وسار بالخليفة إلى العراق وجعل طريقه على الرقي ومر ببدر بن مهلهل فخدم القائم وخرج السلطان للقاء الخليفة وقدم إليه الأموال والآلات وعرضه أرباب الوظائف ولقيه بالنهروان وجاء معه إلى قصره كما تقدم في أخباره وبعث السلطان خبارتكين الطغرائي في العساكر لاتباع البساسيري والعرب وجاء إلى الكوفة واستصحب سرايا ابن منيع ببني خفاجة وسار السلطان في أثرهم وصبحت السرية البساسيري في حلة دبيس بن مزيد من الكوفة فنهبوها وفر دبيس وقاتل البساسيري وأصحابه فقتل في المعركة.
|